الأهواز – مقال / قال الكاتب والمحلل السياسي الاستاذ حسين محمد الديراني، اننا نحتفل اليوم بالذكرى الـ44 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران المباركة ونعتبرها تعظيما لشعائر الله… فهذا يوم عيد الاحرار والمستضعفين… وهذا يوم فرحة المؤمنين… ويوم غصة قلوب المنافقين والحاقدين والمستكبرين واعداء الانسانية والدين.
حسين الديراني: قال الله تعالى في كتابه العزيز من بعد بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، صدق الله العلي العظيم.
تتهيأ الجماهير الشعبية في ايران وخارجها للاحتفال بالذكرى الـ44 لانتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران، التي فجرها قائد الفتح العظيم الامام الراحل السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره الشريف، حين عاد من منفاه القسري فاتحا منتصرا مظفرا في الاول من شباط عام 1979، وكان له استقبالا جماهريا شعبيا كبيرا قدر بأكثر من 6 ملايين مواطن من ابناء الشعب الثائر المجاهد ومن عوائل الشهداء والجرحى من ضحايا النظام الطاغوتي الشاهنشاهي البائد، وتستمر الاحتفالات لمدة عشرة ايام سميت بـ“عشرة الفجر”، والذي انتهى بالاعلان عن يوم انتصار الثورة الاسلامية او 22 بهمن… لا شك ان هذه الثورة المباركة هي من الطيبات التي رزق الله بها الشعب الايراني وكل الاحرار والمستضعفين في العالم.
وفي هذا اليوم المبارك من كل عام تخرج الجماهير الايرانية، وكل احرار العالم بالملايين احتفالا واحياءً لهذا اليوم العظيم لتجديد البيعة والولاء لصاحب لواء الثورة الاسلامية وقائدها الولي الفقيه الحكيم المسدد الامام السيد علي الخامنئي دام ظله، ولتوجيه صفعة مريرة بوجه الاستكبار العالمي واقزامه في المنطقة الذين عملوا جاهدين على إسقاط هذه الثورة منذ اليوم الاول لانتصارها والى يومنا هذا… إن عظمة الثورة الاسلامية تتجلى في دورها بتغيير المعادلات الاقليمية منذ انتصارها عام 1979…
انتصرت الثورة الاسلامية بعد عام واحد من عقد اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري انور السادات ورئيس وزراء الكيان الصهيوني مناحيم بيغن عام 1978، ولم تكتمل فرحة هذا الكيان الصهيوني، ربحت سفارة في القاهرة، وخسرت اكبر سفارة لها في الشرق الاوسط بقلب العاصمة الايرانية طهران حيث تحولت ببركة الثورة الاسلامية الى سفارة لدولة فلسطين
انتصرت الثورة الاسلامية بعد عام واحد من عقد اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري انور السادات ورئيس وزراء الكيان الصهيوني مناحيم بيغن عام 1978، ولم تكتمل فرحة هذا الكيان الصهيوني، ربحت سفارة في القاهرة، وخسرت اكبر سفارة لها في الشرق الاوسط بقلب العاصمة الايرانية طهران حيث تحولت ببركة الثورة الاسلامية الى سفارة لدولة فلسطين، وتلقّت الادارة الامريكية اكبر صفعة مؤلمة في تاريخ استعمارها للدول حين فقدت شرطي الخليج الفارسي البائد الشاه الديكتاتور السفاح محمد رضا بهلوي بسقوط عرشه الطاغوتي، كانت الادارة الامريكية تعتمد عليه لتأديب وترهيب جميع دول الخليج الفارسي ودول الجوار، واكبر صديق لدولة الكيان الاسرائيلي الصهيوني، ومنذ تلقي صدمة الهزيمة عام 1979 عملت الادارة الامريكية وربيبتها الكيان الاسرائيلي الصهيوني، ومعهم اغلبية حكام الخليج الفارسي والى يومنا هذا على اسقاط هذه الثورة التي قضت على كل احلامهم واهدافهم وطموحاتهم…
سارعت الادارة الامريكية لفرض حرب عدوانية على الجمهورية الاسلامية الايرانية التي كانت تلملم قواها العسكرية بعد الثورة، بهدف تدمير مخزونها العسكري التي تعلم تفاصيله وعدد قطعه، لاسقاط الثورة قبل ان تثبت اقدامها في الارض، اوعزت الى الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق ليقوم بمهمة العدوان على الجمهورية الاسلامية الايرانية فرفض طلبها، فأوكلت المهمة القذرة لعميلها المقبور صدام حسين فاستجاب بسرعة فائقة وشن عدوانه الغادر في سبتمبر عام 1980 واستمرت هذه الحرب لمدة ثماني سنوات انتهت بشهر اغسطس 1988، بعد اطلاق يد المقبور صدام حسين باستخدام الاسلحة الكيميائية على نطاق واسع في الجبهات لفرض وقف اطلاق النار على الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث كانت متقدمة على جبهات الحرب القتالية، وكذلك دخول القوات الامريكية بشكل مباشر الى جانب القوات الصدامية من خلال ضرب ناقلات النفط الايرانية في الخليج الفارسي واسقاط الطائرات المدنية الايرانية فوق مياه الخليج الفارسي وزهق ارواح المدنيين الايرانيين.
وخلال انشغال الجمهورية الاسلامية الايرانية في حرب الدفاع المقدس إجتاحت القوات الاسرائيلية الصهيونية الاراضي اللبنانية واحتلالها وصولا الى العاصمة اللبنانية بيروت تعويضا عن خسارتها موقع ايران الاستراتيجي في المنطقة، وفي الوقت التي كانت الجمهورية الاسلامية منشغلة في حرب الدفاع المقدس ارسلت قوات من حرس الثورة الاسلامية لمساعدة المقاومة الاسلامية والوطنية اللبنانية لدحر الاحتلال الصهيوني عن الجنوب اللبناني حتى تحقق النصر الالهي عام 2000 وانسحاب القوات الارهابية الصهيونية وعملائها عن كافة الاراضي اللبنانية دون قيد او شرط.
ثم جاءت حرب تموز العدوانية على لبنان عام 2006 بهدف تدمير حزب الله المقاوم والسيطرة على لبنان مرة اخرى، وفشلت فشلا ذريعا بعد صمود اسطوري للمقاومة خرجت بانتصار الهي بصمود تاريخي استمر لمدة 33 يوما، ومقاومة اسطورية جعلت من ارض الجنوب مقبرة للصهاينة ودباباتهم وطائراتهم وحتى سفنهم الحربية بعرض البحر، ولم يكن لهذا الانتصار ان يتحقق الا ببركة الثورة الاسلامية ودعم الجمهورية الاسلامية للمقاومة ماديا وعسكريا ولوجستيا، وكشف الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله عن دور الشهيد القائد الجنرال قاسم سليماني قدس سره الشريف قائد لواء القدس بحرس الثورة الاسلامية الايرانية ومشاركته في ادارة معركة الصمود وهزيمة العدو الصهيوني… قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾، صدق الله العلي العظيم.
بعد كل الهزائم والانتكاسات العسكرية والسياسية عند محور الشر الامريكي ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية اوقدوا نار الحرب الكبرى على سوريا عام 2011 لضرب قلب محور المقاومة، وتقطيع شرايين جسد محور المقاومة، فجمعوا جمعهم من اكثر من 88 دولة في العالم لشن حربهم على سوريا والعراق مستخدمين مرتزقتهم من التكفيريين الارهابيين المتسلحين بعقيدة التكفير الوهابية لتقطيع اواصل محور المقاومة خدمة لامن واستقرار الكيان الصهيوني، وانشاء دولة تكفيرية على مساحة كبيرة من العراق وسوريا ثم لبنان تقوم على القتل والارهاب لتكون رديفة لدول الكيان الصهيوني القاتل، والذين يشتركون باساليب الارهاب والقتل والعنصرية والتكفير والتطرف… لكن الله أطفأ نار تلك الحرب بعد 10 سنوات من القتال المرير على ايدي من احبهم واحبوه، ومصداقا لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً﴾، صدق الله العلي العظيم.
وفي خضم تلك الحرب الكونية على سوريا والعراق لا بد من الاشارة الى حدث مهم عام 2016 عندما شارك رئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل في المؤتمر السنوي لحركة “منافقي خلق الايرانية” الارهابية التي تتزعمها الارهابية مريم رجوي في باريس، وطالب باسقاط النظام الايراني وتوعد هو ومستشار الامن القومي الامريكي السابق “جون بولتون” بالاحتفال بسقوط النظام بالعاصمة طهران، ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفا﴾، وسقطت احلامهم ونحن على اعتاب الاحتفال بالذكرى الـ44 لانتصار الثورة الاسلامية المباركة.
امام اخفاقات العدو للنيل من الثورة الاسلامية قاموا باستخدام اخر الاوراق المتبقية لديهم، وما الاحداث واعمال الشغب الاخيرة التي حصلت بالجمهورية الاسلامية الا ورقة من تلك الاوراق التي احرقها الشعب الايراني بايمانه ووعيه وبصيرته والتفافه حول القيادة الحكيمة الرشيدة المتمثلة بقائد الثورة الامام السيد علي الخامنئي دام ظله، واخمد نار الفتنة التي اعدت لها دوائر الشر العالمي الصهيوني.
مما لا شك فيه انه لولا وجود الجمهورية الاسلامية الايرانية المبارك لكانت خارطة الشرق الاوسط مختلفة تماما عما هو اليوم، ولكانت اسرائيل الصهيونية تتحكم وتحكم من الفرات الى النيل، بينما نجدها اليوم تصارع على بقاء وجودها المهدد بالزوال والانقراض
لا شك ان كل ما ذكرناه في هذا المقال هو نقاط من بحر ما مر على الجمهورية الاسلامية الايرانية من اعتداءات وعدوان وحصار مستمر على مدى 44 سنة، ولا شك انه لولا وجودها المبارك لكانت خارطة الشرق الاوسط مختلفة تماما عما هو اليوم، ولكانت اسرائيل الصهيونية تتحكم وتحكم من الفرات الى النيل، بينما نجدها اليوم تصارع على بقاء وجودها المهدد بالزوال والانقراض، وتجد نفسها محاطة بمحور مقاومة قوي متمكن متين صلب من جنوب لبنان الى سوريا وغزة والضفة والقدس وكل فلسطين والعراق واليمن وايران يشد الخناق عليها ليكتم انفاسها، اضافة الى ما تعانيه هذه الدولة اللقيطة من مشاكل داخلية قد تعجل بزوالها…
الذي يقلق العدو ليس الامكانيات العسكرية المتطورة التي يملكها محور المقاومة فقط، بل فكر ونهج الثورة الاسلامية الذي يسير عليه قادة هذا المحور وايمانهم بأن النصر حليفهم، ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾… لذلك نحن اليوم نحتفل بهذه الذكرى المباركة ونعتبرها تعظيما لشعائر الله؛ ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾… فهذا يوم عيد الاحرار والمستضعفين، وهذا يوم فرحة المؤمنين، ويوم غصة قلوب المنافقين والحاقدين والمستكبرين واعداء الانسانية والدين.
بدون تعلیق