الأهواز – طهران / شيع جثمان مقدم البرامج التلفزيونية والمنتج والمخرج الإيراني المخضرم “نادر طالب زادة” -الذي توفى الجمعة 30 أبريل عن عمر ناهز 69 عاماً- إلى مثواه الأخير اليوم الاحد من مسجد بلال الحبشي شمال طهران بمشاركة حشد غفير من اهالي طهران،ليواري الثرى بعدها في مقبرة طهران العامة (جنة الزهراء).
وخلال المراسم قرأ الشاعر الايراني صابر خراساني، رسالة عزاء من قائد الثورة الاسلامية بمناسبة رحيل نادر طالب زادة، ثم تلا علي رضا قزوة اشعارا في مديح الراحل.
وقال رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون بيمان جبلي في مراسم التشييع : في شهر رمضان اجتمعنا لنشيع جثمان الحاج نادر الشخصية الثورية الذي درس في مكتب الإمام الخميني والثورة الاسلامية.
وقد توفي مقدم البرامج التلفزيونية والمنتج والمخرج الإيراني المخضرم “نادر طالب زاده” مساء أمس الجمعة (30 أبريل/ نيسان) عن عمر ناهز 69 عاماً في المستشفى بسبب الأزمة القلبية.
وطالب زادة من مواليد عام 1953و حصل على شهادة البكالوريوس في الادب الفارسي من جامعة “راندولف ميكن” .
كما حصل على درجة الماجيستر في الإخراج السينمائي من جامعة كولومبيا.
وبدأ مشواره المهني عام 1980 في إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقام باخراج افلام وثائقية أيضا ومن افلامه “السيد المسيح (ع)” و”هل تسمعون صوتي؟”.
وكان قد نقل المخرج الراحل عدة مرات الى المستشفى بعد تعرضه لازمة قلبية وجلطة دموية في الأشهر الماضية.
طالب زاده… السينمائي الثائر الذي طوع الفن في مشروع المقاومة
عشرات الأعوام من الأفكار والتصريحات المثيرة للجدل بشأن السياسة والإعلام والسينما، أمضاها المخرج الإيراني نادر طالب زادة في صناعة المواقف والأفلام التي خرجت من الصندوق إلى العالم. لونٌ فريد من طيف الثقافة الإيرانية. أرشف الحروب بنفسه. ذهب إليها ليرى المشهد الحقيقي قبل أن ينقله إلى المشاهدين. عايش الحرب العراقية الإيرانية ووثقها. ذهب كذلك إلى البوسنة وشهد على الجرائم التي حدثت هناك. عاش بعض السنوات في أميركا وتحدث عن العنصرية فيها. كذب الماكينة الإعلامية الأميركية في أكثر من مكان، وكشف زيفها، الأمر الذي جعله “يستحق العقاب”. وعام 2019، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عليه عقوبات بتهمة “تنظيم مؤتمرات نيو هورايزن”، وهي منظمة اجتماعية وثقافية في إيران.
من هو نادر طالب زادة؟
وُلد طالب زادة عام 1954 في طهران. انتقل إلى الولايات المتحدة في سن الـ16 عاماً، وعاش هناك لمدة 10 أعوام. حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة “راندولف میکن”، وشهادة الماجستير في الإخراج التلفزيوني من جامعة كولومبيا، وبدأ أنشطته الفنية في عام 1981 في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بإنتاج أفلام وثائقية. تولى منصب أمين الاتحاد الدولي “أفق نو” (الأفق الجديد) وأمين مهرجان “عمار” للأفلام، وكان من المساهمين في تأسيس قناة “أفق”.
“بشارة المنقذ”، اسم مسلسل تولى طالب زادة إخراجه، تناول الأرضيات المشتركة بين الإسلام والمسيحية، وتم عرضه في مختلف قنوات التلفزيون الإيراني، والبرامج الموجهة إلى الخارج. مسلسله عن السيد المسيح حظي كذلك باهتمام واسع داخل إيران وخارجها. درب في المركز الاسلامي “تدريب صناعة الأفلام” وإدارة مركز الأبحاث والدراسات السينمائية في دائرة الشؤون السينمائية في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
من بين أنشطته، سلسلة مؤتمرات دولية، “الأفق الحديث”، بحيث سعى من خلاله لتوحيد المفكرين المناهضين لأميركا والصهيونية من غير الإيرانيين وغير المسلمين. وهو النشاط الذي فضح، بعد فترات طويلة من بثه، المسؤولين الأميركيين، بحيث أصبح طالب زاده في قائمة الشخصيات التي تُفرض عقوبات أميركية ضدها.
كان سكرتيراً لمهرجان “عمار الشعبي” في الفترة الثانية منه، وهو المهرجان الذي كان تلبية لنداء المرشد الإيراني، تحت عنوان “أين عمار”، وأطلق عليه اسم “عمار”. شارك كذلك في الكتابة، وكتب أعمالاً، مثل “الظلام والضوء”، “الصورة العائلية في السينما الإيرانية”، “قوة اللوبي الإسرائيلي في كندا”، “المصير المشترك للفلسطينيين والكنديين الأصليين”.
كيف قارع أميركا؟
في الوقت الذي كان يدرس في جامعات أميركية، كان النظام السياسي الإيراني يتغير. عاد زاده إلى إيران عام 1978، وبعد 10 أيام من انتصار الثورة حصل على ترخيص من صحيفة “طهران تايمز”، الناطقة بالإنكليزية، ثم بدأ العمل في التلفزيون الإيراني عام 1981، ثم عمل في مركز إنتاج الأفلام التلفزيونية.
اغتنم كل المناسبات للحديث عن الولايات المتحدة وعن الدعايات المضلِلة والافتراءات التي تروجها. رأى أن الولايات المتحدة في أزمة، وأنه يجب توثيق الأزمات التي تعيشها وتحليلها وفحصها في إيران. كان بين اهتماماته دعوة الشخصيات السياسية والثقافية الأميركية، التي وصفها بأنها “تنتقد أميركا”. وأحضر هؤلاء الأشخاص إلى إيران في المؤتمر السنوي بعنوان “الأفق الجديد”، وأجرى مقابلات مع بعضهم على الهواء مباشرة في البرنامج التلفزيوني “راز”، الذي يُذاع في القناة الرابعة في التلفزيون الإيراني.
كان إطلاق مهرجان “عمار السينمائي” بمساعدة بعض المؤسسات العسكرية في إيران حدثاً مهماً آخر شارك فيه نادر طالب زاده، وكان سكرتير المهرجان، الذي تناول مواضيع المقاومة غالباً، ومحاربة الغطرسة والصهيونية، والتطورات في الشرق الأوسط، كالحرب على سوريا. وتوسعت أبعاد المهرجان بالتدريج، وأدخلت جيلاً من صُناعيالأفلام “الثوريين”.
كان له حضور في الدول العربية، التي كانت تشمل تدريب كوادر إعلامية. في لبنان، كان له أثر كبير في عملية الإطلاق والتطوير للعمل السينمائي، بصورة خاصة، وللعمل الثقافي، بصورة عامة، بالإضافة إلى تدريب مئات طلاب السينما وخريجيها والتأثير فيهم.
يُعَد فيلم “السيد المسيح”، الذي أخرجه، تحولاً كبيراً في السينما الإيرانية، ليس في بعده الفني وتصويره وطريقة إخراجه فقط، لكنه استطاع، على مدى عقد كامل، أن يدمج الوثائق التاريخية المستوحاة من الكتاب المقدس والقرآن الكريم ويمزجها، ليركز على رسالة الوحدة بين الأديان.
لم يدخل عالم الفن من زاويته الأكاديمية فقط، بل تعامل مع الواقع بمهنية عالية، مستفيداً من دراسته في الخارج، ومن مراحل الظروف التي مرت فيها الثورة الإسلامية، والتي عاشها في كل تفاصيلها، وعبر عنها بأعمال كثيرة.
تحدث أكثر من مرة عن التمييز العنصري في الولايات المتحدة، والمشاكل التي يعانيها “الآخرون” هناك. وحاول مراراً أن يشرح للعالم كيف أن الولايات المتحدة لا تتقبل الآخر، أياً يكن،وكيف تظلم الشعوب المستضعفة.
خاض المخرج الإيراني نادر طالب زاده مغامرة التصدي للرواية الأميركية الرسمية بشأن هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، مستعيناً بشهادات أميركية خالصة تضمنها شريطه الوثائقي، الذي حمل عنوان “I was there / كنت هناك”.
يستند فيلم طالب زاده، ومدته 52 دقيقة، إلى روايات شهود على الواقعة. ومن بين المعلومات المتفرقة، التي يسلط الفيلم الضوء عليها، تأكيد عدة شخصيات عامة، داخل الولايات المتحدة وخارجها، أنها تلقت تحذيرات من عدم السفر يوم 11 سبتمبر/ أيلول، وعدم اعتقال منفذي الهجمات على الرغم من التحذيرات التي وردت إلى وكالة الاستخبارات الأميركية بأنهم يعدون لهجوم كبير.
بدون تعلیق