الأهواز – ثقافه / يوافق يوم الرابع من شهر شعبان ولادة أبي الفضل العباس (ع) بن أمير المؤمنين (ع) الملقب بقمر بني هاشم وساقي عطاشى كربلاء وبطل العلقمي وحامل اللواء في يوم عاشوراء ومؤسس الفضل والإباء.
كان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس عليه السلام، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الأسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً نديّاً عاطراً.
وحينما بُشِّر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بهذا المولود المبارك، سارع إلى الدار، فتناوله وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتقوى في الأرض، وأنشودة ذلك الصوت.
اسمه وكنيته ونسبه(عليه السلام)
السيّد أبو الفضل العباس ابن الإمام علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
ألقابه(عليه السلام)
قمر بني هاشم، باب الحوائج، السقّاء، سَبع القنطرة، كافل زينب، بطل الشريعة، حامل اللواء، كبش الكتيبة، حامي الظعينة… .
أُمّه(عليه السلام)
السيّدة فاطمة بنت حزام العامرية الكلابية، المعروفة بأُمِّ البنين(عليها السلام).
زواج الإمام علي(عليه السلام) لأجله
روي أنّ الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ـ: «أبغي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً»، فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية العامرية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس. فتزوّجها أمير المؤمنين، فولدت له وأنجبت، وأوّل ما ولدت العباس(عليه السلام)، وبعده عبد الله، وبعده جعفراً، وبعده عثمان.
صفاته(عليه السلام)
كان العباس رجلاً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض.
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كان عمُّنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله(عليه السلام) وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً
وقد كان صاحب لواء الحسين(عليه السلام)، واللِّواء هو العلم الأكبر، ولا يحمله إلّا الشجاع الشريف في المعسكر.
ترحّم الإمام(عليها السلام) عليه
قال الإمام زين العابدين(عليه السلام): «رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه، فأبدله الله عزّ وجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيا نشأته:
نشأ أبو الفضل العبّاس عليه السلام نشأة صالحة كريمة، قلّما يظفر بها إنسان، فقد نشأ في ظلال أبيه رائد العدالة الاجتماعية في الأرض، فغذّاه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النزعات الشريفة، والعادات الطيّبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله، كما غرست أمّه السيّدة فاطمة في نفسه، جميع صفات الفضيلة والكمال، وغذّته بحبّ الخالق العظيم فجعلته في أيّام طفولته يتطلّع إلى مرضاته وطاعته، وظلّ ذلك ملازماً له طوال حياته.
ولازم أبو الفضل أخويه السبطين ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة فكان يتلقّى منهما قواعد الفضيلة، وأسس الآداب الرفيعة، وقد لازم بصورة خاصة أخاه أبا الشهداء الإمام الحسين عليه السلام فكان لا يفارقه في حله وترحاله، وقد تأثّر بسلوكه، وانطبعت في قرارة نفسه مُثُله الكريمة وسجاياه الحميدة حتى صار صورة صادقة عنه يحكيه في مثله واتجاهاته، وقد أخلص له الإمام الحسين كأعظم ما يكون الإخلاص وقدّمه على جميع أهل بيته لما رأى منه من الودّ الصادق له حتى فداه بنفسه.
إنّ المكونات التربوية الصالحة التي ظفر بها سيّدنا أبو الفضل العبّاس عليه السلام قد رفعته إلى مستوى العظماء والمصلحين الذين غيّروا مجرى تاريخ البشرية بما قدّموه لها من التضحيات الهائلة في سبيل قضاياها المصيرية، وإنقاذها من ظلمات الذلّ والعبودية.
لقد نشأ أبو الفضل على التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الحقّ، ورفع رسالة الإسلام الهادفة إلى تحرير إرادة الإنسان، وبناء مجتمع أفضل تسوده العدالة والمحبة، والإيثار، وقد تأثر العباس بهذه المبادئ العظيمة، وناضل في سبيلها كأشدّ ما يكون النضال، فقد غرسها في أعماق نفسه، ودخائل ذاته، أبوه الإمام أمير المؤمنين وأخواه الحسن والحسين عليهم السلام، هؤلاء العظام الذين حملوا مشعل الحرية والكرامة، وفتحوا الآفاق المشرقة لجميع شعوب العالم وأُمم الأرض من أجل كرامتهم وحرّيتهم، ومن أجل أن تسود العدالة والقيم الكريمة بين الناس.
بدون تعلیق