الأهواز – خوزستان/ بينما يخضع حبيب فرج الله كعب متزعم الزمرة الارهابية والانفصالية المدعوة بـ”حركة النضال العربي لتحرير الاحواز” السابق في الاشهر الماضية للمحاكمة في محكمة الثورة الاسلامية بطهران، خضع في الوقت ذاته باقي العناصر القيادية لهذه الزمرة للمحاكمة من قبل القضاء الدنماركي والقضاء الهولندي.
انه يعود تاريخ إنشاء هذه الزمرة بواسطه متزعمها حبيب جبر وآخرون إلى سنة 2005 حيث أعلنت عن وجودها من خلال استهداف المرافق العامة والحكومية وذلك عبر تخطيط عمليات زرع القنابل وتنفيذ سلسلة من الانفجارات بالأهواز. وكانت دائرة الإسكان والتنمية العمرانية، ومنظمة التخطيط والميزانية، وإدارة البيئة، وبنك سامان أهدافا لهذه العمليات، مما أسفرت عن استشهاد وجرح المئات من أبناء وطننا الأعزاء. وبعد هذه العمليات، تم اعتقال بعض عناصر هذه الزمرة وتمت محاكمتهم وحُكِم عليهم بالإعدام، لكن عناصرها القيادية تمكنوا من الهروب ومن العدالة ومن إيران.
وكانت من ضمن أعمالهم الارهابية خلال العقدين الاخيرين، تنفيذ الاغتيالات، وعمليات السطو المسلحة، وتدميرالممتلكات العامة وتفجيرات في الأماكن العامة، بما فيها التفجيرات في قضائَي دزفول وآبادان، وامتلاك وتخزين أسلحة نارية وترهيب المواطنين، وتفجير أنابيب النفط والغاز وقصف المواطنين في الأهواز خلال عرض أسبوع الدفاع المقدس العسكري في 22 سبتمبر 2018 وكذلك التجسس لصالح أجهزة المخابرات السعودية، والموساد ووكالة المخابرات المركزية الامريكية.
بعد هروب هؤلاء الارهابيين من ايران، استقروا في الدنمارك وهولندا والسويد و واصلوا من داخل هذه الدول أعمالهم الإرهابية ضد المواطنين الإيرانيين. وأنشأت هذه الزمرة موقعًا إخباريًا على شبكة الانترنت، وانشأت الصفحات العديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وقامت بالهجمات الاعلامية عبر الدعاية السوداء ضد إيران، بهدف تحريض المواطنين العرب الخوزستانيين للقيام بأنشطة تخريبية في البلاد وكل ذلك كان مدعوما بوسائل الإعلام الغربية والعربية البارزة، بما فيها قناة العربية الفضائية السعودية وقناة إيران إنترناشونال، وقناة بي بي سي، وقناة صوت أمريكا.
كما أطلقت الزمرة قناة فضائية في الدنمارك تحت عنوان “أحوازنا” وذلك بدعم مالي من السعودية بما يقارب مليوني يورو؛ حيث أن هذه القناة قد وضعت على جدول أعمالها تنفيذ العلميات النفسية المختلفة بشكل يومي بهدف التأثير على رأي العام المواطنيين العرب الخوزستانيين، لكن بعدما أدينت الحركة وعناصرها في البلدين الآنفين، توقفت القناة عن البث بقرار من المحكمة وذلك بسبب دعمها للارهاب.
من هم قادة هذه الزمرة؟
“حبيب نبكان” المعروف بـ”حبيب جبر الكعبي” هو المتزعم الرئيسي لزمرة حركة النضال وأحد مؤسسيها. وقد هرب من إيران في عام 2005 بعد سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذها مع شركائه في الأهواز حيث اتجه أولاً نحو الإمارات، ثم سوريا، ومن هناك إلى الدنمارك وبعد حصوله على الإقامة أستقر في مدينة رينجستيد. وبالإمكانيات التي وفرتها له بعض الدول الغربية والعربية انشأ مكتبا لزمرته وبدأ يبادر بادارتها والتخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية ضد ايران لتتم عبر عناصره في الداخل.
“يعقوب نيسي” المعروف بـ”يعقوب حر التستري” هو صهر حبيب جبر والحاصل على جنسية دنماركية والناطق الرسمي باسم زمرة حركة النضال والمسؤول الإعلامي لها في مكتب الحركة في رينجستد، والذي كان مسؤولاً عن التواصل مع وسائل الإعلام لاسيما وسائل الإعلام المعارضة الايرانية في خارج البلاد.
“ناصر نبكان” أو “ناصر جبر الكعبي” أو المدعو “تميم فاروق بك” هو شقيق حبيب نبكان الاصغر منه. وهو أيضًا حاصل على اقامة دنماركية، وقد شارك في أنشطة معادية لإيران وجرائم إرهابية، إلى جانب عناصر آخرين من الزمرة الذين كانوا مستقرين في الدنمارك.
“حبيب فرج الله كعب” المعروف بـ”حبيب اسيود” كان خليفة حبيب نبكان، الذي تزعم الزمرة بعد اعتقال حبيب جبر من قبل قوات الأمن الدنماركية. وقد حصل اسيود على الجنسية السويدية، وتحمل المسؤولية عن الجرائم الإرهابية التي نفذتها زمرته من خلال مقطع فيديو نشره التلفزيون الايراني بعد اعتقاله على يد قوات الأمن الإيرانية، وكان آخرها الهجوم المسلح وإطلاق النار على المشاركين في العرض العسكري في 22 سبتمبر 2018 في الأهواز حيث اسفر عن استشهاد و جرح العشرات من المواطنين العرب وغير العرب.
“عيسى سواري” المعروف بـ”عيسى مهدي فاخر” العضو الآخر لهذه الزمرة والذي يقيم في هولندا. وهو أحد مذيعي قناة أحوازنا الفضائية الذي كان يُحرّض من خلال برنامجه أبناء وطننا العرب في خوزستان على ارتكاب الأعمال الإرهابية والتخريبية.
“أحمد نيسي” المعروف بـ”أحمد مولى” هو متزعم آخر لهذه الزمرة وأحد مؤسسيها والذي كان يقيم في مدينة لاهاي في هولندا. وكان قد أنشأ زمرة جديدة لحركة النضال بنفس الاسم وبتزعمه في هولندا في سنة 2015 بعد أن نشبت خلافات بينه وبين حبيب جبر وانفصل عن الحركة في الدنمارك.
الانشقاق في زمرة حركة النضال
بعد نشوب الخلافات بين متزعمي زمرة حركة النضال، انقسمت الزمرة إلى فرعين وهما فرع الدنمارك وفرع هولندا. كانت الخلافات القائمة بين أحمد مولى وحبيب جبر تدور حول علاقات الزمرة مع الرياض وتلقي الدعم المالي، فضلاً عن ما يتعلق بتنظيم الزمر الارهابية الأخرى.
كان من أبرز أسباب الخلاف بين متزعمي زمرة حركة النضال هو أن الدعم السعودي وتدفق الدولارات النفطية للفرع الدنماركي من الحركة بقيادة حبيب جبر كان مغريا للغاية، ولم يكن لأحمد مولى ورفاقه حظا وافرا منه. فلذلك اقتنع احمد مولى بمرور الوقت بأن الدعم السعودي ليس في مصلحتهم لأن السعودية كانت تحاول أن تُمَحور علاقاتها مع الزمرة حول حبيب جبر، وهذا الأمر جعل أحمد مولى غاضبا من الوضع القائم.
السبب الآخر هو أن السعودية حاولت أن تُنظّم وتَجمَع كل الزمر الانفصالية العربية في خوزستان تحت قيادة حبيب جبر لتجعله بذلك شخصية بارزة وزعيما للانفصاليين في خوزستان؛ ومن هنا، جعله السعوديون القناة الرئيسية لتوزيع دعمهم وضخ الملايين من الدولارات بين الزمر الانفصالية والإرهابية الأخرى. حيث بلغ الأمر مؤخرا إلى أن السعودية قامت بدعم الزمر الانفصالية غير العربية ماليا من خلال حركة النضال وتحديدا حبيب جبر.
وعلى سبيل المثال، دفعت السعودية لحبيب جبر 5 ملايين دولار لدعم الزمر المعارضة الايرانية قبل اعتقاله، كما دفعت مليون ومأتين ألف دولار لـ”صالح كامراني” متزعم زمرة إرهابية وانفصالية في الشمال الغربي في ايران وأذربيجان حيث تم دفع المال مقابل اطلاق قناة فضائية معارضة لإيران تحت عنوان “ANT”. كما دفع السعوديون مليوني دولار من خلال حبيب جبر لزمرة جيش الظلم (العدل) الإرهابية في بلوشستان جنوب شرق ايران.
هذا ونرى أن الخلاف حول الدعم المالي السعودي للزمرة من جهة وجهود السعودية لتمحور زمر المعارضة لإيران تحت قيادة حبيب جبر من جهة أخرى، دفعت أحمد نيسي إلى الرفض والانفصال وتبني فرعا جديدا للزمرة تحت قيادته في هولندا.
الى أين انتهت عاقبة هؤلاء الارهابيين؟
اعتقلت قوات الأمن الدنماركية حبيب جبر وشقيقه ناصر جبر ويعقوب حر التستري في فبراير 2020 بتهم الإرهاب، وأدانت محكمة روسكيلد الدنماركية في 4 فبراير الماضي حبيب جبر وناصر جبر ويعقوب نيسي بالتآمر لتنفيذ أعمال إرهابية ودعم الإرهاب حيث حكمت عليهم المحكمة بالسجن 8 سنوات لحبيب جبر والطرد من الدنمارك، كما أصدرت المحكمة نفسها حكما لأخوه ناصر جبر بالسجن 7 سنوات والطرد من الدنمارك. وأما يعقوب حر التستري حكم عليه بالسجن 6 سنوات من دون سحب جنسيته الدنماركية والطرد منها.
واعتقل عيسى مهدي فاخر في هولندا في نفس الوقت الذي تم اعتقال شركائه الآخرين في الدنمارك (في فبراير 2020) من قبل قوات الأمن الهولندية بتهم الإرهاب، وفي نوفمبر الماضي أدانته محكمة نوتردام بهولندا، حيث حكمت عليه بالسجن لمدة أربعة سنوات ونصف بتهمة التآمر ودعم الإرهاب وهو حاليا يقضي عقوبته في السجن.
أما حبيب اسيود، فقد اعتقلته قوات الأمن الإيرانية في سبتمبر 2020، وهو حاليًا قيد المحاكمة في إيران أمام محكمة الثورة الإسلامية. وتزعّم سعيد حميدان زمرة حركة النضال بعد إلقاء القبض على حبيب اسيود، وبما أنه حاصل على الجنسية السويدية، فهو يقود الزمرة حاليًا من السويد.
لكن أحمد مولى كان له مصير مختلف، وذلك بعد تصاعد الخلاف بينه وبين حبيب جبر، قُتل برصاص مجهول أمام منزله في 8 تشرين الثاني 2017 في لاهاي. وعلى الرغم من توجيه اصابع الاتهام نحو ايران بواسطة بعض من أقارب أحمد المولى، إلا أن الشرطة الهولندية صرحت رسميًا أنها لا تستطيع تأكيد ذلك. وفي تلك الايام، أصدرت السفارة الإيرانية في هولندا بيانا أدانت فيه مقتل احمد مولى وأعربت عن أسفها للحادث، مؤكدة أنها ستكون على اتصال وتنسيق كاملين مع السلطات الهولندية لغاية كشف أبعاد الحادث. ويتزعم حاليا “حاتم صدام” شقيق زوجة أحمد مولى، الفرع الهولندي لزمرة حركة النضال من هولندا.
رؤية
بناءً على ما جاء، نرى أنه على الرغم من قيام زمرة حركة النضال بتنفيذ أعمال إرهابية ضد الجمهورية الإسلامية ومواطنيها خلال السنوات الماضية بدعم من الغربيين والسعوديين، إلا أن نفس الغربيين وفقا للاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب لم تتسامح مع أنشطة هذه الزمرة وأعضائها في بلادهم، حيث تم القبض على قادتها وعناصرها وتمت محاكمتهم. وجرت المحاكمات حسب قوانين مكافحة الاعمال الارهابية لمجموعة ما من أراضي دولة مضيفة ضد دولة ثالثة.
في مثل هذه الحالة التي لم تتحمل الدنمارك وهولندا والسويد أعمال أعضاء هذه الزمرة الارهابية من أراضيها ضد دول أخرى، يطرح السؤال نفسه، كيف يمكن للجمهورية الإسلامية أن تتحمل الجرائم الإرهابية والتخريبية والدموية لهذه الزمرة ضد مواطنيها وضد البُنى التحتية العامة والحكومية وتتسامح معها؟ وأما النقطة الثانية، إذا كانت الجمهورية الإسلامية لديها نوايا غيرعادلة في محاربة أو محاكمة هذه الزمر الانفصالية والإرهابية، فهل لدى الدنمارك وهولندا أيضا نوايا غيرعادلة في محاكمة هؤلاء الانفصاليين الإيرانيين، الذين تمت محاكمتهم بسبب جرائمهم الإرهابية؟!
إن إدانة أعضاء زمرة حركة النضال من قبل المحاكم الدنماركية والهولندية تدل على أن الإرهاب مكروه ومُدان تحت أي عنوان، ولا يوجد هناك ما يسمى إرهابي جيد أو أرهابي سيئ! لكن هذا لا يعني تجاهل التباين الواضح بين الدنماركيين والهولنديين في مواجهة الإرهاب.
من ناحية، هم ملاذ الإرهابيين، ومن ناحية أخرى، تتم محاكمتهم وإدانتهم، بينما السلطات الدنماركية والهولندية والسويدية كانت على علم مسبق، بملفات هؤلاء الارهابيين وجرائمهم التي ارتكبوها ضد المواطنين الايرانيين وأمن البلاد، فضلا عن أن إيران قد حذرت هذه الدول كرارا من هذه الزمر الإرهابية خلال السنوات الماضية التي كانت هذه الدول تستضيف هؤلاء الارهابيين، ولكن للأسف بقت كل التحذيرات حبر على ورق ولم تتخذ هذه الدول اجرائات حقيقية لمواجهة هذه الزمر ولم يتم تسليم هؤلاء المجرمين إلى ايران. هؤلاء الإرهابيون يمارسون الإرهاب ضد إيران منذ عشرات السنين بأمن كامل وحرية تامة من دول مستضيفة مثل السويد والدنمارك وهولندا ضد ايران.
ما هي مطالبة الشعب الإيراني؟
أولا، يطالب الشعب الإيراني، كمطلب شرعي، سلطة القضاء الايرانية بإدانة عناصر هذه الزمرة الإرهابية التي قتلت وجرحت المئات من أبناء وطننا الأبرياء وأوقعت عواقب أمنية واقتصادية جسيمة على بلدنا الحبيب، وأن تعاقبهم بأشد العقوبات.
ثانيا، بحسب اعترافات حبيب اسيود وتفاصيل ملفات قيادات زمرة حركة النضال لدى السلطات القضائية الدنماركية والهولندية التي نشرتها وسائل الإعلام الرسمية في هذين البلدين، فإن الشعب الإيراني يطالب وزارة الخارجية بتقديم شكوى ضد هذه الزمرة في المحاكم الدولية ومتابعتها من كافة القنوات المعنية الدولية.
ثالثا، يريد الشعب الإيراني أن تُصَنّف زمرة “حركة النضال العربي لتحرير الاحواز” دوليا لاسيما أوروبيا كمنظمة إرهابية ويُدرج اسمها في قائمة المنظمات الإرهابية.
ورابعا، في ضوء مذكرات التوقيف الدولية الصادرة عن الإنتربول بحق أعضاء هذه الزمرة، ومن أجل ملاحقة ومعاقبة هؤلاء الإرهابيين، يطالب الشعب الإيراني وزارة الخارجية والجهات المعنية بمتابعة استرداد هؤلاء المجرمين وفق الاتفاقيات الدولية من الدول المضيفة وتسليمهم الى العدالة.
بدون تعلیق